ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لِمَن جميلٌ يسحُّ جمالُهُ سحا
أبصرته والهوينى مشيه صُبحا
ذو عجمةٍ غير أن الحسن في فمه
أضحى يكلمني والناسَ بالفصحى
قال الفضولُ:تعقَّبَه فقلت كفى
فإنّ بيني وبين امثاله صُلحا
دعه يمرُّ مرور السالمين فقد
أوحى إليَّ من التلويع ما أوحى
حظي وكل جميلٍ لوعةٌ وهوى
ولست أجنيَ من سوق الهوى ربحا
سقى الإلهُ شباباً طيباً غضَّا
أمسى يزينني يوماً وما أضحى
ذا جُمَّةٍ أمرداً لم يبد عارضُهُ
أسبي بحسنيَ كلَّ مليحةٍ وضحى
إذا تغيَّبتُ عن أنظارها يوما
بتنَّ يمنينّ أن يلمحنني لمحا
أحِلُّ أهلاً وأمسي نازلاً سهلا
واليوم أمسيتُ لا أهلاً ولا مرحا
والمرءُ يغدوا شباباً ينشدُ الحسنَ
مايتلبّث حتى يشكيَ القُبحا
نِعم الشباب كريماً قاطناً أبدا
وبئسه ظاعناً إن لم يدم ردحا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
9-9-2012
هذه قصيدة أخرى رائعة من روائع الأدب العربي وحائية من حائيات الغناء المطربة ورغم أنها كُتبت قبل سنوات إلا أن لها نكهة الشعر العربي القديم ولها طابعين طابع العصر الأندلسي وطابع العصر الجاهلي.
حرف الحاء من الحروف الذي له موسيقى خاصة ومقاربة لموسيقى السينات التي تحدث جرس رقيق كجرس آلات العصر الحديث المتمازجة من همس أزرار الحاسوب.
وعندما نأتي لمعنى القصيدة فالشاعر هنا يتساءل ويقول لمن هذا الجميل الذي يسيل جماله على نفسه كما يسيل الماء العذب السلسال على الصفاء اللامع الذي صقله انساب الماء عليه فصار يشبه قالب الذهب أو الفضة.
ويشير الشاعر إلى الوقت الذي رأى فيه هذا القمر الجميل وهو وقت الصبح وهو وقت مرور أكثر النساء المتحجبات عن الأنظار هذا إذا كان محبوب الشاعر أنثى!
والظاهر أن الشاعر رأى هذا الجميل في الحضر وليس في الريف والدليل على ذلك قوله"ذو عجمة" أي أن المحبوب هنا له لغة غير لغة العامة ويقول الشاعر حتى لو كانت لغته تختلف عن اللغة المعتادة فإن فيه لغة أخرى فصحى يفهمها الجميع وهي لغة الحسن والجمال الذي يتصف به.
ويسترسل الشاعر بتشبيه الفضول بشخص يكلمه ويقول له يجب أن تتبعه وتتعقبه فيجيب الشاعر ويقول كفى ما ألقى ما ألقى من أمثاله فإن بيننا صلح ولاندري أي نوع من انواع الصلح الذي يقصده الشاعر.
وحتى لو لم اتبعه فقد رسمت صوره منه في مخيلتي تغنيني عن تتبعه.
وفي البيت الخامس هنا يمكننا تفهم الصلح الذي أشار إليه القارض في البيت الثالث وهو الكف وغض البصر عن كل ما يجلبه إليه كل جميل من لوعة وأسى ووجد فليس في ذلك أي فائدة تعود على العاشق.
ثم يستطرد الشاعر في البيت السادس إلى الحسرة على الشباب ويدعو له بالسقياء ويقول أن هذا الزائر أمسى لديه ولم يصبح.ثم يصف شعره الأجم ووجهه الأمرد الذي لم يظهر فيه شعر اللحية بعد وأن هذا هو المظهر المحبب للغيد المليحات اللواتي كان يسبيهن بحسنه وشبابه.
وكل جميلة كانت تتمنى الشاعر وتقف بالطريق إذا غاب عسى ولعلّ تلمحه لترتوي من حسنه وجماله.
وحقيقة أن عادة كل مليح الترحيب به وتقديمه في المحافل فالناس تهوى الجمال وتحبه والجميل دوماً محبوب من الجميع.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق