📓شعر ونقد وتحليل أدبي

🖊هذه الثلاثة الأبيات خطرت لي للكتابة عنها وتحليلها وأنا أطالع دفاتري ومدوناتي القديمة التي يوجد بها الكثير من ما كان يلفت إنتباهي من أعمال الشعراء والأدباء وكتاباتهم التي بذلوا أعماراً طويلة إثر كتابتها وتنقيحها وصقل مهاراتهم.

====== ===== =====
خير الأمور سوى أمر الهوى الوَسطُ
وخير مغنمةٍ ما فاتها الخِططُ
فتِّش عن الرزق في دنياك تلقاهُ
فمن لحوم الأفاعي ترزَقُ القططُ
إني أرى الدرُّ في الأعماق كامنةً
حتى يهيؤها للعين ملتقِطُ
====== ===== =====
▪يتكلم القارض في هذه الأبيات عن ضرورة الإفراط في الهوى والحب والعشق وأن خير الأمور والأشياء كلها التوسط والإعتدال إلا في هذا الشيء المخالف لقواعد الأشياء وضوابطها وهو الحب والعشق والذي يجب الإفراط به إلى حد كبير.

▪وتنطلق حكمة أخرى جميلة من حكم الشعر وهي أن أفضل المغانم هي ما جاءت بدون تخطيط مسبق أو رصد،تلك الفرص والغنائم التي تأتي بمحظ! الصدفة وبدون بذل أي مجهود.

▪والبيت الثالث حث على طلب الرزق والتفتيش عنه بكل الوسائل وفي كلمة فتش هنا دلالة قوية على ضرورة البحث عن الرزق في كل أصقاع الأرض وأن من يبحث عن الرزق يلقاه ويجد رزقه حتى من الأشياء التي لا يتوقعها أو الكائنات التي يتوقع منها الشر،فالقطط قد تحيل الأفاعي على شرانيتها وسمها القاتل إلى طعام ترتزق منه وتتلذذ بأكله وهنا إشارة إلى أن الإنسان لا ييأس من الحصول على الرزق من المصادر التي يظنها مستحيلة.

▪وكل شيء نفيس وزهيد يجب أن يكون خفي عن الأنظار ولفت الإنتباه إليه،مثل الدر الذي يوجد في قيعان البحر ولا يجليه للأنظار إلا من ذهب إلى إلتقاطه وغاص إليه وهنا يربط الشاعر بين العثور على الرزق والسرور به بالعثور على الدر الذي يكمن في قاع البحر وفي كلا الشيئين صعوبة في الوصول وسرور في العثور.

▪وما أجمل الشعر في الغوص إلى الأفكار وجوامع الكلم حيث تجد البيت الواحد يحتوي على الشرح الكثير وهذه هي بلاغة الشعر وفصاحته وحكمته التي يخرجها من وهج وضَّاء يهتدي به الحيران في ظُلَم الليالي،وموسيقاه العذبة التي تنسال من نبع دافق سلسال يرتوي منها الوجدان المتعطش وتنطرب بها الآذان،وفي قوة اللغة العربية وجزالة ألفاظها وغزارة كلماتها ما يكفي لملء الدنيا بالصور والتعابير والخيالات التي لا يمكن لأي لغة أخرى أن تجاريها في جانب التصوير والتشبيه وغيرها من أعمال اللغة..
====== ===== =====