ـــ ــ ــ ـــ ـــ ــ ـــ ــ ــ ــ ــــ ـــ
ألا إنما الفقرُ يضيق به القصرُ
وينفدحُ الأمرُ وينقصمُ الظَّهرُ
وفي حوزة الأموال تنفتح النفسُ
وينشرح الصدر وينفسح القبرُ
وأشأم مايلقى امرؤ القوم غربةٌ
يعود الفتى منها وأيديَهُ صُفرُ
ويارُبّ خيرٍ قد يراد به شرا
ولا خير في خيرٍ يكون به شرُّ
إذا المرؤ في فقرٍ فما يغنه أبٌ
من الكدّ أو عمٌّ وخالٌ ولا صِهرُ
يغطُّ كثيرُ المال غطَّاً إلى الضحى
ونوم فقير الحال موعده الفجرُ
ليصحو إلى يومٍ شبيهٍ بأمسهِ
ليلهث لهث الظبي هاجمهُ النسرُ
ومايستوي النومان نومٌ كسكرةٍ
ونومٌ كتغميض القطا ما له سكرُ
ــ ــ ـــ ــ ــ ــ ـــ ــ ــ ــ ـــ ــ ــ ــ ـ
الفقر هو المرض الخطير الذي إذا أستشرى في المجتمع فإنه يهدمه أشد من أي هدم آخر بأي نوع من أنواع ال س ل ا ح.
والفقر هو أشد بلاء من المرض مهما كانت طبيعة هذا المرض فأنت إذا مرضت ولديك الإمكانيات والمادة فتستطيع أن تعالج نفسك بكافة أنواع العلاج والعقاقير ولكن البلاء الأعظم هو عندما تكون فقيراً وعلاوة على ذلك تمرض بمرض خطير لتضاف كارثة أخرى إلى كارثتك.
وأي بلد يعُم فيه الفقر تجد هذا البلد متأخر جداً وغير مواكب لأي تطور مادي أو حضاري يجري في العالم من حوله،فكل شيء أصبح بالمال وهذا هو القانون الساري على العالم منذ بدأ إختراع المال كوسايلة للتعامل المادي بين الناس إلا أن الأزمنة القريبة من إبتكار المال كوسيلة تعامل بين الناس كانت أقل تأثر منّا بالأضرار اللاحقة من وراء إعتماد المال كوسيلة رسمية للأخذ والعطاء.
تشعُّب البشرية وتكاثرها وتعدد الدول أدى إلى إختراع وسيلة المال النقدية والعملات الذهبية قبل الورقية التي نراها اليوم للتعامل بين الناس وتم عقد الإتفاقيات والتعهدات ووضعت التأمينات على العملات في جهات معنية ومختصة بهذا الجانب حتى لاتسري الخيانة من أي طرف.
تعددت العلاقات وتطورت القوانين وزاد التشديد على مسألة التعامل بالمال المجرد وتم طبع العملات الصعبة وتطريزها بالختوم والتوقيعات والطلاسم التي جعلتها وكأنها شيء مقدس لايمكن المساس به أو التعديل عليه.
كل هذه العملات الورقية المجردة جعلت العالم متحجر وجعلت الإنسان العصري لاينظر إلا إلى كيف يحصل على عملة ورقية ولو على حساب أخلاقه ومبادئه فترى البعض يلجأ إلى وسائل محرمة للحصول على المال وترى الشخص المسكين لايملك حتى مثل هذه الأخلاقيات التي تخوله لإقتناء المال بالطرق غير الشرعية فهو بذلك سيزداد فقراً وتأثراً من سلوكيات الآخر.
هناك طرق ووسائل أخرى للتعامل وصرف الشيء مقابل الشيء فلو كنت مثلاً موظفاً كبيراً في مجتمع راقي وأملك المال الكثير فإن باستطاعتي صرف مبالغ ليست بالزهيدة لرجل حكيم أراه في الشارع على أن يعطيني بعض من حكمه التي أستفيد منها في حياتي وكذلك شخص يمتلك حب الفكاهة والضحك أعطيه ما يسد رمقه مقابل أن يضحكني لدقائق معدودة وأكن بهذا تعاملت بالمال مقابل الهبات المعنوية ولو جرى التعامل بالمال مقابل المواهب لازدهرت الشعوب وأنتجت أكثر.
لكننا نتعامل بالمال مقابل المصالح ونهمِّس الفقير ولا نلتفت إلى مواهبه وقدراته التي قد لا توجد في الشخص الثري وهذا ما يزيد الفقير فقراً.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق