(المضمون: مغادرة بولتون هي تطور موضعي سلبي بالنسبة لاسرائيل يؤشر الى تطور ميل مقلق اكثر بكثير في مسألة سياسة الادارة تجاه ايران. من الواجب التأكد من أن هناك تفاهما استراتيجيا وتنسيقا للتوقعات بين الدولتين في كل سيناريو).
جون بولتون هو صديق حقيقي لاسرائيل. السفير السابق، الذي انهى مهام منصبه كمستشار الامن القومي قبل بضعة ايام، يترك الادارة على خلفية ما يلوح كتغيير مقلق في سياسة الرئيس ترامب تجاه ايران. وقد وصف الكثيرون في الساحة السياسية والمهنية الانعطافة الامريكية كـ "مصيبة لاسرائيل"، ولكن في نهاية اليوم حتى مستشار الامن القومي هو مستشار فقط، والقرارات تتخذ في الغرفة البيضوية من الرئيس الامريكي. من هنا، فان شخصية بولتون واهميته لاسرائيل، وكذا ضجيج الخلفية التي مصدرها في معركة الانتخابات وفي هذه الاعتبارات السياسية أو تلك، تغطي على المسألة المركزية التي ينبغي البحث فيها – الفجوة التي انفتحت بين ترامب ونتنياهو في مسألة التهديد النووي الايراني.
لقد كان واضحا في الاشهر الاخيرة انه بدأ ابتعاد بين بولتون وترامب. فمهامة مستشار الامن القومي الى منغوليا، في الوقت الذي التقى فيه الرئيس مع زعيم كوريا الشمالية كيم يونغ اون للبحث في نزع سلاحها النووي كانت مثال واحد على ذلك. مثال آخر هو تراجع ترامب عن القرار الذي اتخذ بتوصية بولتون للهجوم على اهداف في ايران بعد اسقاط الطائرة المسيرة الامريكية في حزيران. ان قدرة تأثير المستشار تقاس بقدرته على ان يكون قريبا من اذن صاحب القرار، وباستعداده لقبول توصياته. في اللحظة التي يكون فيها القرب والانصات تبددا لدى ترامب، ما كان يمكن لبولتون أن يحقق اجندته ضد الانظمة التي في نظره تهدد الامن القومي الامريكي.
يتشارك بولتون ونتنياهو في فكر مشابه. كلاهما أيدا تراجع الولايات المتحدة عن الاتفاق النووي وتطبيق سياسة "الحد الاقصى من الضغط" الاقتصادي والدبلوماسي على ايران، وكلاهما أملا في انهيار النظام في طهران والهجوم على ايران في حالة عودة النظام الى البرنامج النووي. أمل نتنياهو في النجاح في التأثير على الرئيس لتبني نهجه ونهج بولتون خاب. بالنسبة لترامب توجد ايران في المكان الرابع فقط في سلم اهتماماته الاستراتيجية، بعد الصين، روسيا وكوريا الشمالية.
على رئيس الوزراء التالي لاسرائيل، سواء كان نتنياهو أم أي شخص آخر، ان يأمر الساحة السياسية الامنية بالاستعداد لسيناريوهين عاليي الاحتمال: عودة الولايات المتحدة وايران الى طاولة المفاوضات للتوصل الى اتفاق محسن، أو ترك ايران للاتفاق النووي في ظل التوسيع والتسريع لبرنامجها النووي.
في سيناريو المفاوضات محظور على اسرائيل ان تكون مرة اخرى خارج الصور – لا لمقاطعة المحادثات ولا لتكون مستبعدة عنها. في السيناريو الذي لا تصل فيه ايران على الاطلاق الى طاولة المفاوضات، بل تستأنف برنامجها النووي، ينبغي الاتفاق المسبق مع واشنطن على الخط الاحمر الاخير وعلى الروافع – الدبلوماسية، الاقتصادية والعسكرية – التي ستستخدم، وممن، اذا واصلت العمل على برنامجها النووي. على اسرائيل أن تفهم اذا كانت الولايات المتحدة تتركها وحدها في معركة وقف النووي الايراني.
ان مغادرة بولتون هي تطور موضعي سلبي بالنسبة لاسرائيل يؤشر الى تطور ميل مقلق اكثر بكثير في مسألة سياسة الادارة تجاه ايران. من الواجب التأكد من أن هناك تفاهما استراتيجيا وتنسيقا للتوقعات بين الدولتين في كل سيناريو. بعد غد ستنتهي حملة الانتخابات، وسينسى معها الانشغال بالمواضيع الفارغة كالكاميرات، تصريحات الضم بلا غطاء والرحلات الزائدة في العالم. على قيادة الدولة ان تعود لتنشغل بالمشاكل الاستراتيجية الجوهرية التي تقف امامها، وتؤثر بشكل مباشر على الامن القومي لاسرائيل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق