تتوالى الضربات "القاتلة" على الانتقالي،
المجلس الذي كان يعتقد حتى وقت قريب أنه قد حصل على صك الجنوب من الإمارات، فلا يجد قاداته توصيفا لما يحدث سوى الانغماس في المزيد من الفوضى والاتهامات غير المجدية.
خلال الساعات الماضية، طوقت الفصائل السلفية في عدن مديريات عدة، فانتشرت كتائب اللواء الرابع حماية رئاسية بقيادة مهران القباطي، في مديرية دار سعد، قاطعة على الانتقالي طريق التعزيزات القادمة من الضالع، ومثلها كتائب المحضار التي أعلنت "الشيخ عثمان" مديرية مغلقة، متوعدة الحزام الأمني بـ "الضرب بيد من حديد" وقبلها المواجهات في التواهي والمنصورة، مع انتشار الحماية في كريتر وخور مكسر والمعلا، وصولا إلى البريقة .
هذه الكتائب السلفية كانت أبرز الألوية التي تقاتل في الحدود السعودية -اليمنية، قبل عودتها إلى عدن، وهي الآن تلعب دورا تحت الإدارة السعودية الجديدة، كما أنها جزء يسير من أوراق الرياض التي تحتفظ بمجاميع مسلحة تشكل قوام عدة فصائل في المدينة التي كانت تحكمها الإمارات عبر "الحزام الأمني".
هذه التطورات هي بمثابة شهادة وفاة للانتقالي الذي أعلن الأسبوع الماضي نشر "الحزام الأمني" في مديريات عدن، ضمن مخطط كان ينوي من خلاله الانقلاب على حكومة هادي وعرقلة انتشار القوات السعودية التي وصلت لتوها إلى المدينة، حاملة شعار "حماية نواب هادي" و"اعادة الشرعية"، وهذه الورقة المتوقع تفعيلها عقب عيد الأضحى، من شأنها القضاء على "الانتقالي" حديث السياسة نهائيا.
لا حول ولا قوة للانتقالي بعد الآن وحاله حاليا يشبه إلى حد كبير حال الآلاف من المواطنين الشماليين الذي انخرطت قواته في تهجيرهم، حيث كان الانتقالي يعتقد أنه بتلك الخطوة سيعري حكومة هادي ويضعها أمام الأمر الواقع ، لكن الوضع انقلب عليه مع استفادة حكومة هادي التي تشارك فصائل موالية لها بتعميق معاناة الشماليين، من النقمة ضد الانتقالي الذي تتقلب تصريحات قاداته بين النفي لعملية الترحيل والتبني والتحريض.
المصير بالنسبة للانتقالي غامض وأكثر مستقبل ينتظره تنبأ به لتوه المرجعية الجنوبية، عبد الرب النقيب، وهو يتحدث عن انعدم أي تأثير لقادة الانتقالي بعد مقتل "أبو اليمامة اليافعي" .. كان النقيب الذي يمثل أبرز رموز يافع يتحدث لحشد من شيوخ عشائر المنطقة التي تضم 8 مديريات، وتعتبر العمود الفقري للجنوب، عقب خسارتها عشرات القتلى والجرحى بهجمات تمتد من عدن حتى ابين.
استشرف هذا الكهل المستقبل وحلل الوضع على طريقته ولم يخفِ وقوف السعودية وراء كل ما يجري في الجنوب، وهو الذي هاجم سياستها وطالب باستعادة الأراضي اليمنية، ونقض اتفاقية الحدود، مع أنه من كبار الداعين لاستعادة الدولة وفك الارتباط، كما دعا للانتفاضة ضد قواتها في عدن.
يدرك النقيب أن الانتقالي انتهى فعليا، ومثله الإمارات التي يبدو أنها غسلت يدها، وقد أعلن مستشار ولي عهد أبوظبي، عبدالخالق عبدالله، إنهاء بلاده للحرب في اليمن، وأنها ستكثف عملها الدبلوماسي..وحتى الانتقالي ذاته، لا يعرف قاداته ما التالي، فهم الآن ينتظرون الخطوات السعودية التي انهكت المجلس منذ وصول قواتها عدن.
كانت السعودية قد بعثت للمجلس رسالة عبر القيادي الجنوبي المقيم في الرياض عبدالسلام عاطف اختزلها في تغريدة تضع الانتقالي بين خيارين لا ثالث لهما، أما تسليم الأسلحة أو تسريح عناصره، لكن يبدو أن الانتقالي لم يفهم الرسالة، فراح يرتب أوراقه خارج حسابات السعودية، حينها بدأت الهجمات تنهال على قواته في عدن بتبني "داعش" هجوم الشيخ عثمان، وفي ابين بتبني "القاعدة" هجوم على المحفد، وصولا إلى عودة "داعش" للاستعراض من عدن بالتزامن مع توقيع حكومة هادي على الانضمام رسميا إلى التحالف الدولي لمحاربة "داعش"، في ترتيب لورقة جديدة، في حال خرجت الأمور عن السيطرة.
واقعيا انتهى الانتقالي، فنخبته في شبوة وحضرموت ضُمت إلى قوات هادي وأصبحت فعليا تحت إدارة ضباط محسن، وحزامه في أبين انتهى على واقع الصراعات المناطقية وهجمات "القاعدة"، ولم يتبقى له سوى مجموعة صغيرة في عدن، سبق له وأن دفع بغالبيتها إلى الضالع، ومن تبقى تمزق الآن في أحياء عدن ومديرياتها، تمهيدا للاستفراد بهم.. هذا من الناحية العسكرية، أما من الناحية السياسية فلم يعد للانتقالي سوى بضعة نفر من الضالع ولحج، هم من عزوا في مقتل اليافعي وزملائه، حيث أن بقية الأجنحة في شبوة وحضرموت وأبين بدت أقرب لهادي منها للانتقالي، وجميعها انتقدت تصرفات الترحيل التعسفي التي طالت المواطنين الشماليين في عدن، وحمّلت مجلس هاني بن بريك والزبيدي مسئولية ذلك.
وقبل هذه الصورة كانت قيادات شبوة انشقت، من خلال مشاركة صالح بن فريد في مؤتمر الأردن، ناهيك عن تمزيق معظم قيادات الانتقالي في حضرموت بطائقهم، احتجاجا على محاولة ضم المحافظة إلى الضالع للاستئثار بهضبتها النفطية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق