قصة_الدولة_الأموية
الحلقة الرابعة
🏮الحرة بالمدينة، وحصار الكعبة بالمجانيق:
▫كانت حادثة كربلاء الشرارة التي أشعلت الحرب، كما تركت آثارًا سياسية خطيرة في العالم الإسلامي، فعندما وصل خبر مقتل الحسين بن علي رضي الله عنهما إلى الحجاز أعلن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما خلع يزيد، وبدأ يأخذ البيعة لنفسه من الناس في مكة، وكان ذلك سببًا في عزل عمرو بن سعيد بن العاص عن الحجاز، وتولية الوليد بن عتبة بن أبي سفيان مكانه، ثم لم يلبث أن عزله وأَمَّر عثمان بن محمد بن أبي سفيان، وكَثُرَ الحديث في المدينة عن يزيد، فأرسل إليهم النعمان ابن بشير يحذرهم الفتنة، ويذكرهم الطاعة، فأبوا عليه، ثم أعلنوا خلع يزيد، وبايعوا عبد الله بن حنظلة الغسيل، ووثبوا على عثمان بن محمد بن أبي سفيان، والي يزيد، ثم حاصروا بني أمية في دار مروان بن الحكم، وكان عددهم حوالي الألف شخص.
▫فلما علم يزيد بن معاوية بذلك أرسل إليهم جيشًا عليه مسلم بن عقبة المري، وإن حدث له حدث فالأمير من بعده الحصين بن نمير السكوني، وأقبل مسلم بن عقبة بالجيش، والتقى ببني أمية بوادي القرى، وقد أخرجهم أهل المدينة.
▫وصل مسلم بن عقبة المري إلى المدينة فأمهل أهلها ثلاثة أيام فأبوا إلا القتال، وكان عليهم: عبد الله بن حنظلة الغسيل الأنصاري، وعبد الله بن مطيع، ومعقل بن سنان، وعبد الرحمن بن زهير بن عوف الزهري ابن أخ عبد الرحمن بن عوف، وكان مجيء مسلم عن طريق الحرة الشرقية، ووقعت الوقعة وكانت في أواخر ذي الحجة من سنة ثلاث وستين للهجرة، وقُتِلَ أكثر سادة أهل المدينة في هذه الوقعة.
▫وعندما انتهى مسلم بن عقبة المري من المدينة اتجه بجنده نحو مكة يريد عبد الله بن الزبير، وخلف على المدينة روح بن زنباع الجذامي، ولم يقطع مسلم مسافة حتى نزل به الموت، فتولى أمر الجند بعده الحصين بن نمير السكوني حسب وصية يزيد بن معاوية فسار إلى مكة، وقد بايع أهلها والحجاز كله عبد الله بن الزبير، فقاومه ابن الزبير وقُتِلَ من أصحابه المسور بن مخرمة، ومصعب بن عبد الرحمن بن عوف، وأخوه المنذر بن الزبير، واستمر القتال بقية المحرم وصفر من سنة أربع وستين، وفي أوائل ربيع الأول قُذِفَ البيت بالمنجنيق، وأُحْرِقَ بالنار، ثم جاءهم نعي يزيد في مطلع ربيع الثاني، وقد توفي في 14من ربيع الأول عام 64 هـ.
🔘مبايعة عبد الله بن الزبير على الخلافة:
توفي يزيد وأهل الشام يحاصرون أهل مكة وابن الزبير، ووصل الخبر إلى ابن الزبير قبل أن يصل إلى أهل الشام، فناداهم أهل مكة: لماذا تقاتلون؟ لقد هلك يزيد. فلم يصدقوهم، واستمروا في قتالهم، فلما تأكدوا من النبأ توقفوا عن القتال.
▫بعث الحصين بن نمير إلى عبد الله بن الزبير، والتقى معه، وقال له: إن يكُ هذا الرجل قد هلك فأنت أحق الناس بهذا الأمر، هَلُمَّ فلنبايعك، ثم اخرج معي إلى الشام؛ فإن هذا الجند الذين معي هم وجوه أهل الشام وفرسانهم، فوالله لا يختلف عليك اثنان، وتُؤَمِّن الناس، وتهدر هذه الدماء التي كانت بيننا وبينك، والتي كانت بيننا وبين أهل الحرة. ولكن ابن الزبير خشي من الذهاب إلى الشام، ولم يرغب في مغادرة مكة التي احتمى بها، وكان رأي الحصين أن هناك بالشام من يطالب بالخلافة فماذا يكون موقفه؟ أمّا إذا ذهب عبد الله بن الزبير فإنه لن يطالب فيها أحد لمكانة ابن الزبير أولاً، ولعدم وجود أبناء كبار ليزيد أو أحد من أسرته يفكر في هذا الأمر.
▫ولما لم يتفق ابن الزبير والحصين بن نمير سار جيش الشام إلى بلدهم تاركين الحجاز مبايعًا لابن الزبير.
اعترض بعض علماء المدينة على خلع يزيد بن معاوية، والخروج عليه، ولم يؤيدوا من قام بالخروج، وقاموا بنصح إخوانهم واعتزلوا الفتنة، وكان أغلب هذا الرأي من أهل العلم والفقه في الدين، وفي مقدمة هؤلاء الصحابي الجليل والإمام القدوة عبد الله بن عمر بن الخطاب، ومحمد بن علي ابن أبي طالب (ابن الحنفية)، والنعمان بن بشير الأنصاري، وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب جميعًا، وسعيد بن المسيب سيد التابعين رحمه الله.
❉➖🛡➖ ❉➖🛡 ❉➖🛡
قناة عاصمة الثقافة / قناة لله ثم للتاريخ
@asemhalthkafh1
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق