لم يتأخر الرئيس الأمريكي ترامب في ان يطلق أي عبارة أو تغريدة تعبر عن روحه العنصرية اتجاه الآخرين وخاصة من أصحاب البشرة ((السمراء)) او السكان الاصليين بما في ذلك آخر تغريدة له ,التي دعا فيها ثلاث نائبات من أصول أجنبية ((عدن من حيث أتيتن)) !!
الإعلام الأمريكي كشف إن الرئيس قصد ثلاث نساء عضوات في الكونغرس الأمريكي من الحزب الديمقراطي ، أحداهن إلهان عمر من الصومال ، ورشيدة طليب من فلسطين ، والكسندريا كورتيز من بورتريكا ، ، والنساء الثلاث ولدن في الولايات المتحدة ، وتم انتخابهن وفق الدستور الأمريكي وحصلن من الأصوات ما أهلن بالوصول الى هذه المكانة .
ردود الفعل كانت من قبل بعض الشخصيات في الحزب الديمقراطي الذين اتهموه بـ (العنصرية) ، فيما راحت الصحف ووسائل الإعلام الأخرى تذكر إن ترامب له تاريخ حافل بالتمييز العنصري حيث تمت مقاضاة شركته عام 1973لانه رفض اسكان الزنوج في العقارات التي يمتلكها و سبق وان نعت دول إفريقيا وهاييتي والسلفادور بـ (القذرة) وقال عن المكسيك انها (موطن الجريمة والمخدرات) ووصف دول أوربا بـ (القارة العجوز) ، وهزيء من دول الخليج وقال عنهم (عليهم إن يدفعوا كي نحميهم) .
ترامب لم يطلق ذلك جزافاً أو كما يتهمه البعض بـ (الأحمق) بل هو يمثل مشروعاً أنتجته مراكز الدراسات الأمريكية والاستشارات التابعة للحزب الجمهوري برفع شعار ((أمريكا أولا)) و (إعادة إنتاج أمريكا) وتقصد بالشعار الثاني إن على الولايات المتحدة إن تعود إلى إدارة ذوي الأصول الأولى من الأمريكان وان تطرد ((الغرباء )) من الذين هاجروا إلى أمريكا لا حقاً ، وهذا لا ينطبق على أمريكا لوحدها بل عمل على إنتاج أحزاب (شعوبية) في دول أوربا وأمريكا اللاتينية ومحاولة إيصالها إلى السلطة بأي وسيلة لغرض ( الحفاظ على النوع) !!.وهو احد اعلانات الترويج للحزب ايضا وسبب مجيء ترامب للسلطة .
المشروع الأمريكي هذا الذي تجلى في مطالبة عضوات في الكونغرس بالعودة إلى أوطانهن ، هو سليل التأريخ العنصري الدموي في أمريكا وما كانت من مذابح في حرب الشمال والجنوب ، حيث صراع السود و البيض ، وحيث امتداده إلى يومنا هذا بان الشرطة الأمريكية تقتل سنوياً العشرات من السود لمجرد سحنتهم لا غير ، وان مجيء أوباما كأول رئيس أمريكي من أصول أفريقية لم يغير من الأمر شياً ، مع انه أقام لدورتين في البيت الأبيض ، لذا تجد إن ترامب ( وكأحدى تجلياته العنصرية )انه ألغى اغلب الاتفاقيات التي عقدتها أمريكا مع العالم في عهده !!
يقول ترامب في ذات التغريدة الأولى بشأن النساء الثلاث ((لماذا لا يعدنَ ويساعدنَ في إصلاح الأماكن الفاشلة التي اتينَ منها حيث تتفشى الجريمة؟))
وهنا نتوقف عن أمرين الأول ، إن الولايات المتحدة هي عبارة عن مجموعة مهاجرين ، جاؤوا من شتات الأرض ، وهم من (200) جنسية و (150) قومية ، وإذا أردنا إن نعيد أصحاب هذه القوميات إلى دولهم فسوف تفرغ أمريكا من سكانها ، إلا انفاراً من الهنود الحمر!! وان ترامب أولى بالطرد والعودة إلى بلاده الأصلية (ألمانيا) حيث إن والده قدم إلى أمريكا عام 1885م وحصل على الجنسية الأمريكية عام 1892م أي انه من أسرة حديثة العهد بالهجرة إلى أمريكا .
والأمر الثاني إن ما حل بدول العالم اجمع ، وخاصة من قارة إفريقيا واسيا وأمريكا اللاتينية من مآس وتخلف وتردٍ في الشؤون الصحية والعلمية و غيرها ، إنما بسبب الاستعمار الغربي والذي على رأسه الولايات المتحدة حيث استخدمت كل أنواع العنف والقتل والتدمير والسيطرة على الثروات وتنصيب شخصيات عميلة جعلتها على رأس السلطة لتكون أداة قمع وتنكيل لشعبها !! ثم من وقف في وجه حركات التحرر بالعالم ، وإعدام قياداتها على مشهد من العالم اجمع ..؟ ومن اقتاد الزنوج من سكان إفريقيا من دولهم وجاء بهم إلى أمريكا مكبلين ليباعوا في أسواق النخاسة بدراهم معدودة ليساقوا كرهاً للعمل بالسخرة في المناجم والمزارع التابعة للبيض ؟
لماذا هاجمتم فيتنام وقتلتم نصف سكانها ؟ لماذا هاجمتم العراق و قتلتم الالاف من سكانه ؟ لماذا دخلتم بـ (100) معركة خارج أراضيكم؟ وما حاجتكم ل(750)قاعدة عسكرية في اصقاع شتى من العالم ؟
إن النسوة الثلاثة يا سيد ترامب اللواتي هاجمتهن لو لم تذهبوا انتم لدولهم وتدمرونها لما احتجن إن يأتين إليكم وكما يقول الشاعر ((ولو ترك القطا لغفا وناما)) والدول التي أطلقت عليها ((فاشلة)) انتم وراء فشلها ، وهذا هو العراق الذي دخلتموه عنوة لم تبقوا فيه حجراً على حجر إلا وأطاحت به صواريخكم ، فلا مصنع يعمل ولا محطة كهرباء أو ماء ، ومازلتم تتدخلون في شؤونه وتعملون على تجزئته وتدميره ...ولو توفرت ظروف مناسبة دون تدخلاتكهم لاستطاعت جميع الطاقات إن تشارك في بناء بلدانها ، فالعالم الذي لا يعمل في خدمتكم يقتل سواء في بلده او خارجه !!.
أمريكا يا سيد ترامب ((لمم)) وانتم المهاجرون أقمتم حضارتكم على دماء سكانها الأصليون وقتلتم الملايين منهم ، وانتم آخر من يحق له إن يطالب بـ (النوع) ، وقد تعب في هذا الأمر من قبلكم (هتلر) فنال جزاءه!!والاغرب في ذلك انكم تمنعون السكان الاصليين لامريكا من الترشيح للانتخابات وان سخريتك من عضو مجلس الشيوخ الديمقراطية، إليزابيث وارن التي أعلنت عن ترشحها للانتخابات الرئاسية المقبلة في 2020.حيث قلت عبر حسابك على تويتر "انضمت إليزابيث وارن، للسباق نحو الرئاسة، هل ستصبح أول مرشحة رئاسية من السكان الأمريكيين الأصليين، أو أنها قررت عقب 32 عاماً، أن هذا الأمر لا يجدي نفعاً"، مضيفاً "أراك في الحملة يا ليز". وقد تراجعت شعبية وارن بعدما تم نشر نتائج تحليل الحمض النووي (دي إن إيه) الخاص بها لإثبات أنها على الأرجح لها أصول أمريكية أصلية.!!
وأثارت هذه الخطوة سخرية ترامب الذي بات يطلق عليها لقب بوكاهانتس، وهي ابنة زعيم قبيلة من الأمريكيين الأصليين حاربت الغزاة الإنجليز!!
فيما تعتبر وارن واحدة من أكثر النواب التقدميين في مجلس الشيوخ الأمريكي
إن الدعوة إلى العنصرية التي يقودها ترامب وحزبه تمددت إلى أوربا وبدأت الدعوات لإخراج (الأجانب) ، وحدثت أعمال عنف جراء ذلك كما في نيوزلندا وغيرها ، وسجلت السنوات الأخيرة حوادث اعتداءات على المهاجرين كثيرة ، لكن وفي كل الأحوال فأن واقعاً يجب إن يرضخ له الجميع مفاده ((اتركوا الشعوب وشأنها)) و ((إن من هاجر إلى بلدانكم انتم وراء هجرته ، وأصبح جزء من كيان تلك الدول ، فقد كبروا وتوالدوا وشاركوا في صناعة الأرض التي عاشوا عليها واحترموها)) ، وسواء بنى ترامب جداره الحدودي مع المكسيك أو لم يبن ' فان مشروع ((العنصرية)) نذير حرب أهلية لا هوادة لها ، والشيء الأخر إن الحزب الديمقراطي الأمريكي يضم عدداً كبيراً من القيادات المتنوعة الأصول وسيبقون ضد ذلك ، خاصة وان الدستور الأمريكي لا يسمح بإعادة ((العنصرية التي غادرها)) بشكلها الرسمي منذ عقود ، وما زال رموز مناهضيها أمثال مارتن لوثركنغ وغيرهم مورد تقدير عال لدى الشعب الأمريكي والعالم اجمع.
أن شعار (أمريكا أولاً) تقابله دول العالم ((دولنا أولاً)) وسوف تتصادم الإرادات ، وبذا فأن ارتدادات هذه الشعارات ستكون نهاية لأمريكا وتبشيراً لانهيارها القريب
المصدر: وكالة انباء براثا
________________________________
*(مجلة العصر في السياسة الدولية):*
* أول مجلة افتراضية سياسية على الويتساب،
* تصدر من مركز العصر للدراسات الاستراتيجية،
* كتابها جمع كبير من المفكرين والمحللين العرب،
* تستقبل المقالات والتحليلات السياسية المستقلة،
* الآراء المطروحة لا تمثل رأي المجلة بالضرورة،
* للاشتراك في الويتساب اضغط على الرابط التالي👇:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق