*أين اختَفت الناقلة "الإماراتيّة" المَزعومة بعد عُبورها مضيق هرمز؟ ولماذا نُطالب بأخْذ تهديدات المُرشد الأعلى بالرد باحتجاز ناقلة بريطانيّة على محمَل الجد؟ وهل نحنُ أمام مُعادلة النّاقلة بالنّاقلة.. والطائرة بالطائرة والبادي أظلم؟*
✍... عبد الباري عطوان
مرصد طه الإخباري
🔸ما زال من المُبكر الرّبط بين اختفاء ناقلة نفط إماراتيّة أثناء إبحارها قبل يومين عبر مضيق هرمز وتهديدات السيّد علي خامنئي المُرشد الأعلى للثورة الإيرانيّة، التي توعّد فيها "بأنّ إيران سترُد على احتجاز بريطانيا الخبيث لإحدى النّاقلات الإيرانيّة أثناء مُرورها عبر مضيق جبل طارق في الفُرصة والمكان المُلائمين، فهذه الناقلة تعرّضت للقرصنة البحريّة، يُريدون إضفاء صفةً قانونيّةً عليها، وهذا الاختِطاف لا يُمكن أن يمُر دون ردّ".
🔸الغُموض هو سيّد الأحكام، ولكن "لا دُخان بدون نار"، في ظِل التوتّر الحالي الذي يَسود المِنطقة، وبلَغ ذروته بعد إسقاط الصواريخ الإيرانيّة لطائرة تجسّس أمريكيّة مُسيّرة اخترقت الأجواء الإيرانيّة، وكانت تُحلّق على ارتفاع 20 كيلومترًا، وتراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن الإقدام على هُجومٍ انتقاميٍّ قبل 10 دقائق من انطلاق الطائرات الحربيّة على حدِّ زعمه خوفًا ورُعبًا من النّتائج.
▪️دولة الإمارات العربيّة المتحدة، وعبر مُتحدّث باسمها، نفت أيّ صلة لها بهذه الناقلة التي تحمِل اسم "MT RIAH"، وترفَع علم بنما، وأكّدت في بيانٍ رسميٍّ أنها غير مملوكة لها، ولم يتم تشغيلها من جانب أبو ظبي، ولا تحمِل على متنها أيّ طاقم إماراتي، ولم تُرسل أيّ طلب استغاثة.
ربّما يُفيد التذكير أن الناقلة التي احتجزتها القوّات البحريّة البريطانيّة في مضيق جبل طارق وتقِل 300 ألف طن من النفط الإيراني، كانت ترفع علم بنما أيضًا، وليس على ظهرها بحّار إيرانيّ واحد، وقُبطانها هندي، وباقِي طاقمها من جنسيّاتٍ آسيويّةٍ.
لا نستبعِد وجود "صلةٍ ما" بين هذه الناقلة "المُختفية" والسّلطات البريطانيّة، أو وحتى الإماراتيّة، أو الاثنين معًا، فيُمكن الحديث عن اختفاء سيّارة أو طائرة، أو قافلة من النّوق، ولكن أن تختفي ناقلة عِملاقة تزيد حُمولتها عن اثنين أو ثلاثة ملايين برميل من النفط، وفي مِنطقةٍ من أكثر مناطق العالم ازدحامًا بالسفن والناقلات، وفي ظِل التوتّر الحالي، والرقابة الدقيقة، أمر يستعصي على الفَهم، فهمنا على الأقل، ولا بُد أنّ هُناك "قطبة" مخفيّة، أو يُريد البعض إخفائها.
🔹المُرشد الأعلى صادق في قوله ٩، وحُكومته أثبتت درجةً عاليةً من المصداقيّة، عندما هدّدت ونفّذت جميع تهديداتها، بإسقاطها لطائرة التجسّس الأمريكيّة أوّلًا، والعودة إلى تخصيب اليورانيوم بمُعدّلات أعلى ممّا كان عليه الحال قبل توقيع الاتّفاق النووي الإيراني عام 2015 ثانيًا، وزيادة المخزون من اليورانيوم المُخصّب إلى ما هو أكثر من الكميّة المُحدّدة بحواليّ 300 كيلوغرام
🔸ثالثًا.لا نعرف ما إذا كانت هذه الناقلة الإماراتيّة، أو المجهولة الهُويّة حتى الآن على الأصح، هي التّنفيذ العملي لتهديدات المُرشد الأعلى، وربّما نفيق في الصّباح الباكر على أنباء وجودها مُحتجزةً في ميناء بندر عباس الإيراني في موجةِ تصعيدٍ جديدةٍ للتوتّر؟ من الصّعب استبعاد هذه الفرضيّة، خاصّةً أن العلاقات البريطانيّة الإيرانيّة لم تكُن طبيعيّةً في أيّ يومٍ من الأيّام، وبلغت قمّة التوتر باحتجاز النّاقلة الإيرانيّة في مضيق جبل طارق الذي من المُفترض أن تكون حُريّة المِلاحة فيه مضمونةً وِفق كُل القوانين الدوليّة.
▪️الحُكومة البريطانيّة ارتكبت خطأً فادحًا باحتجاز هذه السّفينة وهي التي تُريد الانضمام إلى تحالفٍ بحريٍّ دوليٍّ يدعو إليه الرئيس ترامب لضَمان حريّة المِلاحة الدوليّة في مضيق هرمز، خاصّةً أنُ الذرائع المُقدّمة وأبرزها تطبيق عُقوبات أوروبيّة بمنع وصول هذه الناقلة وحُمولتها إلى ميناء بانياس السوري، فلم يُعلن الاتحاد الأوروبي، أو أيّ دولة من أعضائه، تأييد عمليّة الاحتجاز هذه حتّى كتابة هذه السّطور.
▪️المُحصّلة النهائيّة التي لا يُمكن القفز عنها أنّ مضيق هرمز لم يعُد آمنًا للمِلاحة البحريّة وعُبور ناقلات النفط تحديدًا، مثلما كان عليه الحال في السابق قبل تشديد العُقوبات الأمريكيّة، ودون أن تُقدِم السلطات الإيرانيّة على إغلاقه مثلما هدّدت أكثر من مرّة في الماضي القريب، وتفجير سِت ناقلات نفط في خليج عُمان، واختفاء ناقلة لم يتِم التعرّف على مصيرها حتّى الآن يُؤكّد هذه الحقيقة.. والقادم أعظم.
🔸تأكيد كُل من وزير الخارجيّة البريطاني جيرمي هنت، وبوريس جونسون خصمه في التّنافس على زعامة حزب المُحافظين الحاكم، وخلافة تيريزا ماي، رئيسة الوزراء الحاليّة بالتالي، بأنّ بريطانيا لن تدخل في حربٍ إلى جانب أمريكا في إيران ربّما يأتي مُحاولةً للنّأي بالنّفس عن حماقات الرئيس ترامب الذي يُعتبر المَسؤول الأكبر وادارته، على التوتّر الحالي في مِنطقة الخليج بانسحابه من الاتّفاق النوويّ الإيرانيّ استجابةً لإملاءات بنيامين نِتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيليّ.
▪️الافراج عن الناقلة الإيرانيّة في مضيق جبل طارق قد يكون الطّريق الأقصر لمعرفة مصير الناقلة "الإماراتيّة" المَخطوفة، أو المُختفية، فالنّاقلة بالنّاقلة، والطائرة بالطائرة، والصّاروخ بعشرة أو عشرين صاروخًا، هذه هي المُعادلة الجديدة، وننصَح بأخذ تهديدات المُرشد الأعلى بكُل الجديّة.. واللُه أعلم.
________________________________
*(مجلة العصر في السياسة الدولية):*
* أول مجلة افتراضية سياسية على الويتساب،
* تصدر من مركز العصر للدراسات الاستراتيجية،
* كتابها جمع كبير من المفكرين والمحللين العرب،
* تستقبل المقالات والتحليلات السياسية المستقلة،
* الآراء المطروحة لا تمثل رأي المجلة بالضرورة،
* للاشتراك في الويتساب اضغط على الرابط التالي👇:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق