لليوم الثالث على التوالي ووفد المجلس الانتقالي لا يزال منتصرا في احدى فنادق جدة او الرياض .
لا نعلم بالضبط ما الذي يحدث في هناك .
فلم نسمع عن اي نشاط لهذا الوفد .
عدا لقاء يتيم مع الأمير خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع في المملكة .
وكان الوفد قد زامن وصوله الى المملكة بالإيعاز لقوات المجلس بمباشرة التقدم نحو محافظة ابين والهجوم العسكري على القوات التابعة للحكومة الشرعية المتواجدة فيها .
كرسالة تبرز لرعاة الحوار المرتقب قوة المجلس على الأرض في مواجهة قوات الرئيس هادي وحكومته .
وتبين ضعف قبضته على البلاد وبخاصة الجنوب .
وفعلا تم للمجلس ما أراد .
فتم إصدار الأوامر للقوات التابعة للحكومة في ابين بالانسحاب امام قواته بكامل العتاد نحو مديرية لودر .
ولم تحدث اي مواجهات تذكر .
فسيطرت قوات الانتقالي على المدينة بكل يسر وسهولة وخلال ساعات .
ظن المجلس ان الرسالة قد وصلت وان الجانب السعودي سوف يوليه الاهتمام اللازم بسبب ذلك .
لكن انتهت الأيام الثلاثة للضيافة ولم يحصل شيء .
ولم يلقي احدا بالا للرئيس الزبيدي كما يسميه أصحابه . ووفده المرافق له من قيادات المجلس .
فتم الإيعاز لوسائل الإعلام بان للإعلان ان وفد المجلس عاد الى عدن وربما كانت نيته كذلك بسبب ما يلقاه من إهمال وتجاهل لكنه لم يفعل لاسباب غير معلومة .
وبنفس اليوم ايضا تم إصدار الأوامر لقوات النخبة الشبوانية بالتحرك ومعها قوات مساندة لها من المجلس وصلت من ابين . بالتحرك عسكريا لإستحداث بعض النقاط الأمنية في مدينة عتق عاصمة المحافظة .
وتطور الامر الى مواجهة مع قوات الشرعية بنية السيطرة على المدينة من قبل قوات النخبة الشبوانية التابعة للمجلس .
وكان هذا ايضا استعراض اخر للقوة من قبل الانتقالي لدعم الوفد والدفع لتحريك الجمود واضهار الاهتمام به .
ولكن على ما يبدو ان الرسالة ربما جاءت في توقيت سيء .
وانقلبت سلبيا على المجلس ووفده .
الذي يقول انه يعترف بشرعية الرئيس .
لكنه يهاجم قوات حكومته ويسيطر على معسكراتها ومقراتها وينهب محتوياتها بما فيها القصر الرئاسي .
حتى هذه اللحظة فان قوات المجلس انهزمت ايضا بسهولة في شبوة واستطاع الرئيس هادي ان يعكس الصورة تماما عنه وعن قواته في الجنوب بعدما حدث في عدن وأبين .
بعد ذلك عادت المصادر لتنقل خبرا اخر تؤكد فيه ان وفد الانتقالي لا يزال في المملكة لغرض محاورة الرئيس والحكومة .
لكن موقف الرئيس معلن ومعروف بعدم اجراء اي حوار مع المجلس الانتقالي قبل الانسحاب الكامل من جميع المواقع التي تقدمت اليها وسيطرت عليها قواته في عدن وأبين .
واشترط اعادة كل ما نهب من جميع هذه المواقع من أسلحة ومعدات .
ايضا بهذا الشأن لم نرى من المملكة اي جهد يذكر تجاه حلحلة الوضع .
ونزع فتيل التوتر بين الطرفين .
ولم تقم باي محاولة لا لثني الانتقالي عن التقدم في المحافظات ولا للفصل بين القوات المتقاتلة من الطرفين .
سواء في عدن او ابين وحتى شبوة .
كل الذي سمعناه ان طائراتها في كل أيام المواجهات في عدن وغيرها كانت تراقب الوضع عن كثب .
وتحلق فوق محاور القتال للجانبين .
وفي الامس واليوم كانت تفعل ذلك .
وهذا حقيقة موقف غير مفهوم .
على عكس رفيقتها في التحالف التي كانت قوات الانتقالي تنطلق من معسكراتها وتتسلح بسلاحها .
وعندما تتقهقر وتنهزم تهرب الى مقراتها .
وهذا ماحدث في عدن و في بلحاف بشبوة كما حصل اليوم .
فقد راقبت المملكة الوضع خلال احداث عدن لثلاثة أيام متتالية .
فوجدت ان الحكومة كانت قوية بعكس توقعاتها .
فقد تقهقر خصومها حينها ومع ذلك اجبر قائد تلك القوات على الانسحاب الغير مبرر .
تنفيذا لاوامر لا ندري كنهها .
ولا دوافعها الحقيقة الى الساعة
خرج لنا قائد تلك القوات مقهورا متذمرا من موقف القيادة الغير واضح ويتهم ويستهجن الدور الإماراتي المشبوه فيما حصل .
متوعدا خصومه بجولة اخرى من البنزال .
فهل ما حدث في شبوة في الامس واليوم هو ما وعد به اللواء الميسري .
الذي ضهر لنا حينها بلبس مدني مرتديا شال بشريط ازرق .
شاهدنا مثيله في الامس وبنفس الربطة على راس اللواء احمد مساعد حسين .
وهو يتحدث من عاصمة محافظة شبوة .
فهل استعار ذلك الشال من اللواء الميسري ؟
ام انه لبس ثوب النزال الذي وعد به الميسري خصومه ؟
فهم رفاق منطقة ومرحلة .
شخصيا ارى لذلك رمزية ما .
خاصة ان المواجهات في شبوة بدأت بإشاعة استهداف اللواء احمد مساعدحسين و قتله .
كما بدأت في عدن بإشاعة السيطرة على بيت اللواء الميسري وأسره .
ليضهر منتشيا بالنصر في ذلك اليوم من أيام مواجهات عدن .
وكما تم تكذيب أسر اللواء الميسري .
ايضا تم نفي إشاعة استهداف اللواء مساعد .
وتم إعلان انتصار قواته في عتق على الأقل حتى هذه اللحظات .
السؤال الذي نطرحه على أنفسنا .
هو هل يتكرر سيناريو عدن في شبوة ؟ .
خاصة ونحن نسمع عن تحرك تعزيزات كبيرة من قوات الانتقالي انطلاقا من يافع وردفان والضالع باتجاه محافظة شبوة .
لدعم وإسناد قوات النخبة الشبوانية التي تختبى بعد هزيمتها في مقر القوات الاماراتية في بلحاف ؟ .
ونتسأل ايضا لماذا يوجد للإمارات مثل هذا القوات في هذا المكان على البحر العربي البعيد جدا عن مواقع المواجهات مع أنصار الله في الشمال ؟ .
مع ان القوات الحكومية حسمت الامر تماما في مدينة عتق وأصبحت في حال أفضل مما كانت عليه قبل مواجهات الامس واليوم .
لكن الوضع مشوب بالحذر والترقب فلا يمكن توقع ان تبتلع الامارات وقوات الانتقالي الهزيمة بهذه السهولة .
خاصة في ضل تواجد وفد المجلس الانتقالي في جدة .
وهو الذي أراد من ذلك التحرك في شبوة ان يضهر قوته على الأرض .
كما انه أراد ان يثبت ان له حاضنة شعبية هناك ، تتبنىأ ما يطالب به في الجنوب وللجنوب ، من فك ارتباط مع الشمال وإستعادة الدولة .
لذلك ربما تكون الليلة حبلى بالمفاجآت .
وقد نصبح على مشهد مشابه لما حصل في عدن وأبين .و لا نرى فيه لا احمد مساعد ولا شال الميسري
وقد يضل الوضع على هدوءه وتبقى قوات لانتقالي في مواقعها في ابين .
من يعلم ؟ ..
الذي اعتقده ان الوضع في شبوة هو اكثر حساسية وتعقيد عنه في عدن وأبين .
فشبوة تخضع عسكريا لسيطرة المنطقة العسكرية الثالثة .
وهي منطقة كبيرة وقوية للغاية وهي من مناطق المواجهة والتماس الشديد مع أنصار الله .
وانكسارها او انكسار اي قوات تابعه لها قد يبعث برسائل قوية لانصار الله .
وقد يحثهم على التقدم نحو محافظة مأرب للسيطرة عليها .
وهو الامر الذي تعثر حدوثه منذو بداية المواجهات مع الحكومة الشرعية .
وبحسب ما تتناقله وسائل الإعلام فان هذه المنطقة قد ارسلت تعزيزات كبيرة لمساندة قواتها المرابطة في شبوة .
وبحسب ما يضهر يبدو ان طلائع هذه التعزبيزات قد وصلت في أوقات مبكرة قبل حدوث المواجهات .
وذلك لما لشبوة من أهمية استراتيجية كمحافظة بترولية وبها ميناء بلحاف الاستراتيجي الذي يصدر منه غاز مأرب .
وبالعودة الى المملكة وموقفها مما يحدث .
وهل ستقف متفرجة ان انفجر الوضع من جديد ورأت تدخل مباشر او غير مباشر من الامارات .
التي يبدو ان وجودها اصبح غير مرحبا به من قبل الحكومة الشرعية وربما من المملكة ايضا .
فبالنسبة للحكومة الشرعية فقد اصبح هذا موقفا معلنا من افواه واعلام مسؤولي الحكومة في الرياض وفي اليمن ؟ .
لكن مع ذلك فالكثير من الاراء ترجح ان يتكرر ما حصل في عدن .
وتتوقع ان يخلع اللواء احمد مساعد شال الميسرة ويحزم أمتعته ويغادر عرينه متوجها إما الى الرياض وأما الى مأرب . أما بالأمر العسكري او بالتقهقر امام الخصوم .
ولكن مع ذلك يخالجني شعور ان هناك اتفاق ما .
بين الملك سلمان والرئيس هادي حول كل ما يحدث .
فالمضهر الباسم للرئيس هادي
خلال اجتماعه بالملك سلمان وفي أوج احداث عدن .
كان ينبىء ان هناك اتفاق ما .
وحتى لقاءه بولي العهد كان يتسم بنفس الروح .
كذلك الزيارة المفاجئة لمحمد بن زايد ولقاءه الملك سلمان وولي العهد .
ومن خلال ما تسرب عن هذه اللقاءات يتضح ان هناك اتفاقات معينة تهدف لطي ملف المواجهات والتعجيل بالحلول السياسية .
لو عدتم الى المقال الذي كتبته عن احداث عدن وهو بعنوان هل المواجهات هي تدشينا لإقليم عدن ؟
فان ذلك المقال يشرح هذا الامر .
واضن ان ما يحصل في شبوة في ضوء ما تم تناقله من اخبار عن استدعاء قائد كبير من قيادات حضرموت بصورة عاجلة الى الرياض .
ليتم تعيينه كقائد لحضرموت بحسب المصادر .
وهذه تسمية جديدة في السلم الوضيفي في اليمن .
ربما يقودنا لفهم ما يجري في شبوة ايضا .
فكما هو معروف ان شبوة تتبع اقليم حضرموت .
وربما يكون ما يحصل فيها هو تدشينا لهذا الإقليم .
وهذا القائد الكبير الذي تم استدعاءه على عجل ربما يكون هو قائد هذا الإقليم الجديد .
اقليم حضرموت .
لذلك فان قوات الانتقالي ربما لن تتجاوز حدود هذا الإقليم وربما تكون الدعوة التي قدمتها القوات القوات الحكومية لقوات النخبة الشبوانية للانضمام لألوية الحكومة في المحافظة بحسب اوضاعهم في النخبة شريطة التخلي عن تبعية المجلس الانتقالي في عدن .
ربما يكون في إطار هذه المساعي .
وحتى دعوات الحكومة للقيادات المحلية في شبوة لترتيب وتطبيع اوضاع المحافظة ربما يكون في هذا الإطار .
وبالنسبة للمجلس الانتقالي فلن يستطيع سوى القبول بهذا الوضع .
باعتبار انه كيان له وضع معقد وهو الى اليوم لم يحصل على اي تكييف قانوني لوضعه سوى انه متمرد على الحكومة .
ويمكن تكييفه بأوصاف كثيرة بانه انقلابي وخارج عن القانون وهو غير معترف به من اي جهة رسمية الى اليوم .
لا من قبل الحكومة ولا من قبل المجتمع الدولي .
فوضعه يختلف عن وضع جماعة أنصار الله .
لان هذه الجماعة اصبحت لها كيان دولي باعتبار ان الأمم المتحدة تتبنأ اجتماعاتها في مفاوضات متوازنة مع الحكومة الشرعية .
ويتم تضمين قرارات المنظمة لهذه الجماعة باعتبارها الطرف الثاني في الصراع في اليمن . ويتم التعامل معها على هذا الأساس .
فهي تجلس مع ممثل الأمم المتحدة وتعقد معه الاتفاقات وتتفاوض معه حول المساعدات والهدن الإنسانية وغيرها .
وأما المجلس الانتقالي فليس له اي اعتراف ولم يستطع ان يضع حتى مجرد اسم له ككيان جنوبي او يمني في اي وثيقة او رسالة اممية .
وبالتالي فهو كيان غير موجود في الخارطة السياسية اليمنية او الدولية حتى انه ليس مسجل حتى كحزب سياسي .
او حتى منظمة أهلية .
ولهذا من الممكن التعامل معه باعتبار انه يخرج عن الشرعية التي يعترف بها المجتمع الدولي .
وتتبناها قرارات مجلس الامن تحت الفصل السابع الخاصة باليمن .
وهذه هي الحقيقة ولا يقل احد ان هذا تحامل او شيء من هذا القبيل .
فهذا هو الواقع .
فهو مجرد كيان شعبي غير معترف به من اي جهة رسمية لا محلية ولا إقليمية ولا دولية .
لهذا ليس أمامه خيار سوى الرضوخ لارادة الحكومة الشرعية والسعودية .
التي يبدوا انها ترتب أوضاعها على عجل للانسحاب من المستنقع اليمني .
ووفد المجلس الانتقالي وخاصة بوجود رئيسه في جدة .
في ضل عدم اعطاءه اي انطباع بانه كيان مرحب او معترف به ليس لديه سوى القبول بما يطلب منه .
او ربما يصل الامر الى منعه من العودة الى عدن .
وقد يوضع تحت الإقامة الجبرية في الرياض .
وقد يصل الامر الى ابعد من ذلك .
لذلك سيتم اجبار الجميع للوصول لاتفاق وفقا لمخرجات الحوار وفي إطار الأقاليم .
هذا حسب المعطيات الى هذه اللحظة
_____
(مجلة العصر في السياسة الدولية):
* أول مجلة افتراضية سياسية على الويتساب،
* كتابها جمع كبير من المفكرين والمحللين العرب،
* تستقبل المقالات والتحليلات السياسية المستقلة،
* الآراء المطروحة لا تمثل رأي المجلة بالضرورة،
* للاشتراك اضغط على أحد الروابط التالية👇:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق