اليمن ودول الخليج من يدافع عن الآخر؟/بروفيسور احمد الدبعي - يمن سام Yemen Sam

أعلان الهيدر

الثلاثاء، نوفمبر 14، 2017

الرئيسية اليمن ودول الخليج من يدافع عن الآخر؟/بروفيسور احمد الدبعي

اليمن ودول الخليج من يدافع عن الآخر؟/بروفيسور احمد الدبعي


✍ بروفيسور احمد الدبعي
-----
حتى نفهم ما يجري في اليمن الآن يجب فهم الديناميكية الجيوسياسية في المنطقة.

اليمن جزء أصيل من جزيرة العرب والتي سماها النفط بالخليج العربي ليعزل اليمن عن إقليمه !!

تكونت دول الخليج في القرن المنصرم على أراض صحراوية قاحلة حوّلها النفط إلى ناطحات سحاب وأندية مال.
بعد نجاح ثورة الخميني في ١٩٧٩ تنامى الهاجس الأمني في دول الخليج .. كانوا لا يتحملون منظر ملايين الشعب الإيراني وهم يمزقون نظام الشاه العائلي.
كانت كل قصورهم ترتعش، فكان الذهاب لتكوين مجلس التعاون الخليجي في ١٩٨١م.
كانت المملكة السعودية قد اتخذت قرارا بتعزيز قواتها العسكرية فعقدت عشرات الصفقات العسكرية الكبرى بمليارات الدولارات مع الغرب وخاصة أمريكا وبريطانيا.. وكان العراق يتسلح، ثم كشفت الحرب الإيرانية العراقية ان دول الخليج مجتمعة لا تمثل أي رقم عسكري حقيقي، فقامت بدعم العراق الذي كان يمتلك جيشا وقادة عسكريين مؤهلين بشكل جيد ..

استطاع العراق أن يصمد بوجه ثورة الخميني بل ويهزم إيران عسكريا في عدة مراحل، ثم كان التآمر على العراق وتجلت بَلادَة الأنظمة العربية في أبهى صورة لتساهم بتدمير هذا البلد ويختل توازن المنطقة بشكل فاضح واضح لصالح ايران !

تنامى المد الفارسي بعد ذلك وتم شطب العراق من الرادار لنبدأ عصر البرطعة الفارسية، وأصبحت دول الخليج محاصرة بين سوريا وبيروت وبغداد وصنعاء مجرد كيانات هشة تستطيع ايران اقتراسها في يومين.. تماماً كما تنبأ عالم الاجتماع العراقي علي الوردي !

تنظر الدول الصغيرة كالكويت والبحرين وقطر والإمارات لنفسها في المرآة فلا تكاد تجدها !!، فتقوم باستدعاء الغرب ليعجم عيدانه ويبني قواعده فيها لينام أمراء النفط باسترخاء ولو لليلة واحدة قبل ان يدفعوا الخمس !!

عُمَان حسمت أمرها فتحالفت مع ايران ودفعت الخمس سراً لأنها لا تثق بقوة السعودية وقدرتها على حمايتها ان تورطت في إغضاب الولي الفقيه !

الكويت تسير بنفس الاتجاه بعد أن اكتشف نظامها أن التركيبة السكانية في الكويت تحوي شيعة تتزايد قوتها ونفوذها !!

قطر لديها رأي مغاير، فهي تقيم علاقات مع الجميع، وكذلك لا تراهن على قدرة الخليج على حمايتها !

البحرين انتهى بها الحال لأغلبية شيعية !

أما الإمارات فقصتها عجيبة !!!
فهذا البلد يعتبر الرئة الاقتصادية لإيران ..!!!

الأرقام تقول أن أول شريك اقتصادي حقيقي لها هو إيران !
واستثمارات الإيرانيين بلغت في الامارات ما يزيد عن ٣٠٠ مليار دولار !!
وعدد الإيرانيين في الامارات يتجاوزون رقم ٧٠٠.٠٠٠ سبعمائة ألف ..!!
قالها الرئيس الراحل رفسنجاني في التسعينات من منبر المسجد: يمكن لشبابنا الذهاب للإمارات، فقد كان من صناع العلاقة الخاصة بالإمارات.


إذاً .. نحن أمام تداخل إيراني إماراتي بشكل لم يحدث بين أي دولتين في مجلس التعاون الخليجي !!

بعد قدوم الربيع العربي إهتزت عروش العائلات الخليجية بقوة فارتبكت وقررت أن تدعم الثورات المضادة والدول العميقة !

كان الملك السعودي الراحل عبدالله بلا رؤية، وسياساته تقوم على هواجس وحسابات غير مدروسة، فساهم - كما كشفت الصحافة البريطانية - في وصول الحوثيين إلى صنعاء، وتلكأ كثيرا في دعم الثورة السورية وقدم وعودا جوفاء للسوريين جعلت إيران تتدخل بكل قوتها لمصلحة النظام السوري !

أما الإمارات فقررت أن تخصص ميزانية كبرى لمحاربة الثورات !!
فهذه الدولة كغيرها من دول الخليج لا مؤسسات حكم حقيقية لها، فلا جيش حقيقي ولا برلمان ولا جهاز رقابي !
ولديها مخاوف اندثار حقيقية !

الإمارات تعيش حالة اضطراب نفسي ظاهر للعيان، فهي تعرف قوة إيران داخل الامارات، ولا تريد ان تغضب السعودية في نفس الوقت !
إنه تحدٍّ ضخم !!

في التسعينات قال علي اكبر ولايتي معلقاً على شراء الإمارات لصفقة سلاح أمريكية ضخمة :
لو استطاعت الامارات ان تنصب صاروخ في كل متر مربع فيها فلن نشعر بتهديدها !!!

إذاً من تهدد الإمارات ؟!
وما دورها في هذه المرحلة بالضبط ؟!
هذا الدور العجيب الذي جعلها تفتح قواعد عسكرية في الصومال وافغانستان، وتراهن على التحكم في منافذ وجزر مهمة في القرن الأفريقي !!
أرادت الاستيلاء على جيبوتي مستغلة فقر الناس هناك فعمد الرئيس عمر جيلة إلى اشراك الصين وهولندا وإثيوبيا وفرنسا في مشاريعه الاقتصادية الكبرى، واستطاع بذلك ان يخرج من قبضة وابتزاز الإمارات !

تسلمت الإمارات من الفاسد علي صالح ادارة ميناء عدن قبل سنوات وتعمدت ان تحوله لميناء منسي  مقابل علاقات اقتصادية مشبوهة بين الطرفين..
 

ماذا تريد الإمارات من اليمن إذاً ؟؟!!

الامارات تجيد التلوّن، وهي - كما قلت لكم - أصبحت (إيران)، وأحيانا (أمريكا) بدشداشة عربية !

يعرف الأمريكان مدى حساسية اليمنيين من التدخل الامريكي المباشر بشؤونهم بذريعة مكافحة الإرهاب، لذا كان القفاز الإماراتي هو المخرج المناسب !

تريد الأسرة الحاكمة الإماراتية بقعة آمنة لها في هذا الكوكب بعيداً عن الخليج الغارق تماماً كتاجر يرى سوقا يتعرض لمخاطر فيقرر فتح محلات له في أماكن أخرى أكثر أماناً !!

تشعر الإمارات من الداخل انها بحاجة لأرض جديدة تؤَمّن لها قدراً من التعاقد مع المستقبل، فالهنود والإيرانيون يكادون يبتلعون دبي، وقد ينتقلون لـ أبوظبي ! 

لا تستطيع الإمارات إغضاب إيران كثيراً، وفي اليمن ذهبت للجنوب وحاولت ان تفرض الحراك الانفصالي في عدن بل وتعمدت ان تعزز المشروع الانفصالي، لأن إيران ترى أن الانفصال ووجود تيار جنوبي يتفاهم معها وفي الشمال الذي سيهمن عليه اتباعها هو المخرج المثالي في اليمن، غير ان هادي والسعودية لهم رأي آخر، فهما مع الوحدة وضد النفوذ الايراني !

تجيد الامارات المراوغة ولكن ليس بدهاء، فقد انكشف امرها وهي امام خيارين ..
إما ان تترك الملعب اليمني برمته
أو تغير من سلوكها بضغط سعودي لأن أمن المملكة القومي يبدأ في اليمن، ولا مجال للعب والمغامرات الطائشة !!!

نحن أمام مفارقة عجيبة فدول الخليج - حقيقة الأمر - هي من تحتاج الحماية من اليمنيين لا العكس !! وسيثبت لكم المستقبل المنظور ذلك !

كلما نريده في اليمن هو الاستقرار لنتمكن من بناء دولتنا وتعزيز الشراكة الاقتصادية مع دول الخليج بما فيها الإمارات لنقدم لهم بالمقابل الحماية .. فاليمن يستطيع بميزانية لا تتجاوز ١٠ مليار دولار تأهيل نصف مليون عسكري محترف في كل القطاعات، وهذا البلد فيه القتال جزء من ثقافته، بينما دول الخليج تحاول تجنيد ١٠٠ الف مقاتل في درع الجزيرة منذ عقود!!، ومازالت عاجزة منذ نشوء الفكرة في بدايات التسعينات !!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.