محمد جميح
ما كدنا نخلص من خزعبلات "الوزير الجهبذ" حسن زيد وزير الشباب والرياضة في حكومة الانقلاب، عن ضرورة إغلاق المدارس وإرسال الطلبة والمعلمين إلى جبهات القتال لإحراز النصر خلال عام واحد ضد "العدوان السعودي"، حتى طالعنا "الوزير النحرير" يحيى الحوثي وزير التربية والتعليم في حكومة الكهنوت باكتشاف علمي وتاريخي ليس له نظير.
وزير التربية، أو وزير الغفلة. الوزير المؤدلج، الجاهل بالتاريخ، والذي يحاول أن يتصنع الوقار ويتصنع أساليب المحاضرة وإلقاء الدروس، الوزير الذي يبدو عليه التكلف في تقمص شخصية أخيه حسين، كما يبدو التكلف على أخيه عبدالملك وهو يقلد أساليب سيده حسن حزب الله، الوزير الذي قال يوماً إن "صرخة" جماعته مجرد شعار، "والحمد لله هذيك أمريكا وهذيك إسرائيل ما وقع لهم شيء".
الوزير الذي قال لي يوماً: القرآن نزل في بيتنا، والإسلام خرج من بيتنا، هذا "العلامة الفهامة" يُطل علينا من قناة المسيرة القرآنية بمحاضرة "قرآنية"، فيها اكتشافات تاريخية مذهلة!
يحيى الحوثي يحاضر في قناة المسيرة! ما رأيكم في خبر بهذا العنوان؟
أو لنقل ما رأيكم بكتاب يرصد إنجازات "وزير الغفلة"، وليكن عنوان الكتاب: "يحيى الحوثي...محاضراً"!
أظن هذا أفضل، لإحاطة الأجيال بجوانب من شخصية بديع الزمان، ورب الفصاحة والبيان!
المهم... كشف الوزير الألمعي في محاضرته التي بثتها قناة المسيرة أن نور الدين زنكي التركي الأصل هو عّم صلاح الدين الأيوبي الكردي الأصل. وما عليكم إلا أن تحلوا هذا اللغز العويص!
لا تسخروا أرجوكم من هذا "الفلتة"، قبل أن تسمعوه وهو يرى أن كلاً من صلاح الدين الأيوبي، ونور الدين زنكي من المماليك!
لا تستغربوا...
أنتم في مقام الهيبة الحوثية، والتجليات اللدنية، وفي حضرة علامة عصره يحيى بن بدرالدين الحوثي، الذي يمضي قائلاً إن العالم الإسلامي-ما عدا اليمن-منذ أواسط القرن الخامس الهجري، وإلى أواسط القرن الرابع عشر الهجري كان محكوماً بثقافة دولة المماليك، "الذين كانوا يباعون ويشترون"، الدولة التي "أولها صلاح الدين الأيوبي، وعمه نور الدين إلى آخر والٍ تركي في اليمن، وفي غير اليمن"، حسب قوله.
طبعاً نجا اليمن من حكم المماليك، حسب رأي "كِيْس الحكمة"، و"ُصرَّة الأسرار" يحيى الحوثي، لأن الأئمة كانوا حكاماً لليمن آنذاك!
يريد هذا المنسل من "تجاعيد الخرافة" أن يقول إن الفضل في ذلك يعود للأئمة "الأحرار" الذين حافظوا على اليمن من حكم "المماليك العبيد"، معيراً إياهم بأنهم تعرضوا للبيع والشراء والسبي.
دعونا نُذكّر يحيى الحوثي أن هذا المعيار غير سليم في الحكم على الأمم والأعراق، وأنه ليس من صالحه، ولا من صالح السلاليين أمثاله، لأن مراجعه التاريخية تقول إن جَدَّة الأئمة من نسل الإمام الحسين سبية فارسية أهديت إليه، وإن جدة الأئمة من نسل الإمام زيد جارية هندية اشتراها المختار الثقفي، وأهداها للإمام علي بن الحسين، الذي انجب منها زيداً رضي الله عنهم أجمعين، وأن من أئمة اليمن من هم من أمهات مسبيات، كما لدى بعض أولاد عبدالله بن حمزة، وغير ذلك الكثير، مما يمكن أن يؤكد أننا في اليمن كنا ضمن حكم " الأئمة المماليك"، بشكل أو بآخر، حسب تنميطات هذا الوزير الذي عششت في عقله خفافيش الظلام.
يُفترض أن يحيى الحوثي وزير تربية وتعليم، وأن مهنته زرع ثقافة المواطنة المتساوية بين المواطنين اليوم، بدلاً من الخوض في التاريخ بنَفَس عنصري يرتد إلى نحره هو قبل غيره. ثم كيف نكون محظوظين بحكم الجلاد الكهنوتي عبدالله بن حمزة، ولا يكون غيرنا محظوظاً بحكم عَلَم تاريخي عظيم مثل القائد المملوكي محمود قطز قائد معركة التحرر من التتار في "عين جالوت"، التي تعد إحدى أشهر معارك التاريخ!؟
ما علينا...
يمضي "آية الله الجديد" يحيى الحوثي ليفضح نفسه ومعلوماته التاريخية في الخلط بين المماليك والأيوبيين والأتراك. يقول إن المسلمين حٌكِموا بثقافة "هي من مخلفات دولة المماليك للأسف" الذين قال إن منهم صلاح الدين الأيوبي وعمه نور الدين، في فلتة من فلتات الزمان لا يأتي بمثلها إلا مثل مولانا ابن بدرالدين!،
بالطبع، وقبل أن نفيق من وقع الدهشة إزاء هذه الفتوحات الربانية، يقذف مولانا يحيى الحوثي بكشف إلهي آخر مذهل ومدهش، ولا يتأتى إلا لمن اتصل بالعلوم اللدنية من أضراب يحيى وحسين وأخيهم صاحب السرداب. يقول العارف الكبير يحيى بن بدرالدين إن الأتراك هم من دولة المماليك في جهل فاضح بتاريخ الأعراق والقوميات.
ويضيف "داهية الزمان" أن تسميات المدارس عندنا في اليمن هي تسميات "غالطة وظالمة"، لأنها من "مخلفات ثقافة المماليك، وهذا ظلم"، حسب قوله. وهنا دعوني أدعو إلى تغيير اسم "مدرسة صلاح الدين الأيوبي" إلى اسم جديد كأن نسميها "مدرسة أحمد يا جِنَّاه" على سبيل المثال!
الجميل في المشهد صورة الأكاديميين والتربويين الكبار الذين قعدوا على مقاعد الدراسة يصغون للكشف العظيم الذي ساقه الله على لسان أستاذهم، وحيد دهره وفريد عصره، وهو يكتشف أن صلاح الدين يمثل أول دولة المماليك، مع أن طلاب المرحلة الإعدادية يعرفون أن صلاح الدين هو مؤسس دولة الأيوبين في العصر الإسلامي الوسيط.
ولكي يوحي الحوثي على طريقة الكهنوتيين المعروفة بأنه "البحر الزخار" طلب "الوزير النحرير" من التربويين الذين يحاضرهم أن يراجعوا تاريخ دولة المماليك، الذي أجزم أنه لم يطلع عليه كما يحاول الإيحاء.
يا أخي بالله عليك، افتح لك "معلامة" في ضحيان، لتواصل خزعبلاتك على أطفالها، بدلاً من فضائحك على قناة فضائية، جعلت منك "لعبة أطفال"! يا أخي، سِرْ أعرض عمامتك الكبيرة على الأطفال المبهورين بحجمها، لا على الكبار الذين يرون حجم ما تحتها.
حرام عليك والله...
يا ناس: قولوا لهذا "المعلب الدماغ" إن نور الدين زنكي ليس عّم صلاح الدين، وإن الأول تركي فيما الآخر كردي الأصل، وقولوا لهذا "الفقيه المؤدلج" إن نور الدين وصلاح الدين ليسا من دولة المماليك. يا قوم، قولوا له إن العثمانيين الأتراك غير المماليك. أرجوكم، بلغوه كي يُعد لمحاضرته جيداً قبل أن يطل على شاشة فضحت جهله وتخلفه ورجعيته وكهنوته.
قولوا لهذا الذي لا يرى أبعد من حدود صفحات ملازم أخيه، وأعمق من كتب صفراء لأبيه، هذا الذي لا يرى أبعد من أرنبة أنفه، والذي ظن نفسه بالفعل وزيراً مثقفاً فوقع في مطبات قاتلة فضحت جهله المركب ونفسيته المريضة، وعقليته المسطحة المنتمية إلى خرائب عهد عبدالله بن حمزة، قولوا له أن يكتفي بحمل أختام وزارة التربية دون الخوض في مواضيع أكبر من "عمره العقلي" المفترض، مواضيع يمكن أن يصيبه فيها سهمه المرتد إلى صدره.
تُرى هل سمع هذا الذي "باضت العناكب في مؤخرة دماغه"، هل سمع عن محمود قطز، بطل وقائد معركة تحرير المشرق العربي من التتار في عين جالوت؟ هل قرأ هذا "المسطح المائي الآسن" عن استبسال العرب تحت قيادة صلاح الدين ضد الغزاة الصليبيين في حطين؟ هذا تاريخ يدرس في هارفرد وأكسفورد وكيمبردج، وغيرها من الجامعات العالمية التي لا يعرفها يحيى الحوثي، ولا عصابته الرجعية!
هذا تاريخ لا يدرس في الشرق الأوسط وحسب، يا خريجي الملازم والكتب الصفراء!
لا والله، لن يسلم شعبنا لظلامكم وجهلكم وكذبكم ومحاولاتكم تقديس أنفسكم، وإطلاق سهامكم على تاريخ ترتد سهامه على صدوركم يا "كهنوت اليمن"، ويا "سلَّ صنعاء وجربها"، وأضحوكة الزمان ومسخرة التاريخ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق