نحن والحاكمون
أخي، صحونا كله مأتم وإغفـاؤنا ألمٌ أبكم
فهل تلد النور أحلامنا كما يلد الزهرة البرعم؟
وهـل تنبت الكرم ودياننا ويخضر في كرمنا الموسم؟
وهل يلتقي الري والظامئون، ويعتنق الكاس والمبسم؟
لـنا موعد نحن نسعى إليه ويعتاقنا جرحنا المؤلم
فنمشي على دمنا والطريق يضيُعنا والدجى معتم
فمنا على كل شبر نجيعٌ تقبله الشمس والأنجم
* * *
سل الدرب كيف التقت حولنا ذئاب من الناس لا ترحم
وتهنا وحكامنا في المتاه سباعٌ على خطونا حـوم
يعيثون فينا كجيش المغول وأدنى إذا لوح المغنم
فهم يقتنون ألـوف الألوف ويعطيهم الرشـوة المعدم
ويـبـنـون دوراً بـأنـقـاض مــا أبــادوا مــن الـشـعب أو هـدمـوا
أقــامــوا قــصــوراً مـدامـيـكها لــحـوم الـجـمـاهير والأعــظـم
قـصـوراً مــن الـظـلم جـدرانـها جـراحـاتنا ابـيـض فـيـها الــدم
***
أخــي إن أضــاءت قـصـور الأمـيـر فـقـل: تـلك أكـبادنا تـضرم
وســل: كـيـف لـنَـا لـعـنف الـطغاة فـعاثوا هـنا وهـنا أجـرموا؟
فــلا نـحـن نـقـوى عـلـى كـفـهم ولاهــم كـرام فـمن ألـوم؟
إذا نـحـن كـنا كـرام الـقلوب، فـمن شـرف الـحكم أن يـكرموا
وإن ظـلـمـونـا ازدراءً بــنــا فــأدنــى الــدنــاءات أن يـظـلـمـوا
وإن أدمــنــوا دمــنـا فـالـوحـوش تــعـبُ الـنـجـيع ولا تــسأم
وإن فــخــروا بـانـتـصـار الــلـئـام فـخـذلانـنـا شــــرفٌ مــرغـم
وسـائـلـنـا فــــوق غـايـاتـهـم وأســمــى، وغـايـاتـنـا أعــظـم
فــنـحـن نــعـف وهـــم إن رأوا لأدنـاسـهـم فــرصـةً أقــدمـوا
وإن صـعـدوا سـلـماً لـلـعروش فـأخزى الـمخازي هـو الـسلم
***
ومــا حـكـمهم جـاهـلي؟ الـهوى تـقهقه مـن سـخفه الأيـم
وأسـطورة مـن ليالي (جديس) رواها إلى «تغلبٍ» «جرهم»
ومـطـعـمهم رشـــوةٌ والــذبـاب أكـــولٌ إذا خــبـث الـمـطـعم
رأوا هدأة الشعب فاستذأبوا على ساحة البغي واستضغموا
وكــل جـبـانٍ شـجـاع الـفـؤاد، عـلـيك، إذا أنــت مـسـتسلم
وإذعــانـنـا جــــرَأ الـمـفـسـدين عـلـيـنـا وأغــراهــم الـمـأثـم
***
أخــي نـحـن شـعب أفـاقت مـناه وأفـكاره فـي الـكرى تـحلم
ودولـتـنـا كـــل مـــا عـنـدهـا يـــدٌ تـجـتـني وحــشـاً يـهـضـم
وغـيـدٌ بـغـايا لـبـسن الـنـضار كـما يـشتهي الـجيد والـمعصم
وســيــف أثــيــم يــحــز الـــرؤوس وقــيـدٌ ومـعـتـقل مـظـلـم
وطـغيانها يـلتوي فـي الـخداع كـما يـلتوي في الدجى الأرقم
وكـــم تــدعـي عــفـةً والــوجـود بـأصـناف خـسـتها مـفـعم!
وآثـامـهـا لـــم تـسـعها الـلـغات ولــم يـحـو تـصـويرها مـلـهم
أنـــا لـــم أقـــل كـــل أوزارهـــا تــنـزه قــولـي وعـــف الـفـم
تــراهــا تــصــول عــلــى ضـعـفـنا وفـــوق مـآتـمـنا تـبـسـم
وتـشـعـرنا بـهـديـر الـطـبـول عــلـى أنــهـا لـــم تــزل تـحـكم
وتــظـلـم شــعـبـاً عــلــى عــلـمـه ويـغـضـبـها أنــــه يـعـلـم
وهـــل تـخـتـفي عــنـه وهـــي الـتـي بـأكـباد أمـتـه تـولـم؟
وأشــــرف أشــرافـهـا ســــارقٌ وأفـضـلـهـم قــاتــلٌ مــجـرم
***
عـبـيـد الــهـوى يـحـكـمون الـبـلاد ويـحـكمهم كـلـهم درهــم
وتـقـتـادهم شــهـوة لا تــنـام وهـــم فـــي جـهـالـتهم نـــوَم..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق