قال لي أبي يوما
وهو يعلمني
أحرف الهجاء والفاتحة
ومفاتح الحكم
اعلم يا بني
أن الله خلق الدنيا
وخلق لها
السيف والقلم
ولا يضرب السيف
إلا بما يمليه القلم
ومعا يخطان سبل السلام
ويعزفان نشيد الحب
ويبنيان مجدا لا تدانيه قمم
ولما كبرت رأيت عجبا
رأيت السيف يجز رأس القلم
وظل السيف وحيدا
بلا ضمير
ولا يشعر بألم
وصار أحمقا
بيد ظالم
يضرب به وجه الشمس
فيحتجب النهار
والسيف ليس به ندم
واغتال السيف
ضوء القمر
ومات الناي فما من نغم
واختطف السيف عند الفجر
الأنفاس
فأصبح الناس رمم
وبلقيس على الأطلال نائحة
وأروى بنت أحمد
تلطم خدها مع من لطم
وما من محترف يبري سن القلم
ولا من عاقل يذكر السيف
أنه خلق للأمن
لا ليشيع العدم
وما انفكت الأعراب تحتطب
وتبحث عن كلأ وماء
ولا من يستنبت شجرة
نستخرج منها يراعا
ودواة ليس لون مدادها لون دم
والحدادون يتبارون
في حلبة غسيل الأموال
فلا من يصنع مقبضا
ولا من يطرق نصلا
وما من سيف نؤاخيه بقلم
فما نحن يا أبي إلا أقزام
ندعي أننا نملك قطعة قماش
لم تنسجها أيدينا
ونذود عنها بالحمم
وملأنا الدنيا زعيقا
بأن لنا راية
وكلنا نموت فداء العلم..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق