السعادة لم يجعلها الله سبحانه وتعالى بالمال أو بشيء آخر خارج عن كيان الشخص وإنما جعل مبعثها من داخل الإنسان نفسه فالسعادة تستثار من داخل الفرد وليس على الفرد إلا تحفيز هرموناتها وإثارتها حتى يشع في قلبه وهج السعادة والفرح والبهجة..صحيح أن هناك أشياء خارجية قد تكون سبباً لإسعاد الشخص لكن هذه الأشياء لولا وجود القالب الذي يستقبلها ويحولها إلى سعادة لما استطاعت بذاتها أن تجلب السعادة والسرور للشخص..هذا القالب هو القلب وكل ما يحيط به من أعضاء بشرية تتفاعل مع بعضها وتكون الوجدانات والأحاسيس التي تتفاعل داخلنا..فمن ظن أن المال يجلب السعادة بذاته فقد أخطأ لأن المال إنما جلب لك السعادة بإحساسك وشعورك الذي كونته حيال هذا المحفز..ومحفزات السرور كثيرة كما أن محفزات الحزن كثيرة أيضاً لكن يبقى الإنسان بكيانه هو المتحكم والمسيطر على أحاسيسه ومشاعره أكثر بكثير من العوامل والأسباب التي تثيره من الخارج..لأن هذه الأسباب لا تشكل إلا نسبة قليلة من التأثير والنسبة الأكبر تأتي من داخل الفرد وهذا قد يقودنا إلى المقارنة بين المادة والحياة..فالمال يعتبر مادة والإنسان بجسده ومشاعره يعتبر حياه وتأثير المادة في الحياة قليل جداً بالنسبة إلى تأثير الحياة على المادة..والمادة هي بمثابة الجماد ولا يمكن للجماد أن يؤثر في الحي أكثر من تأثير الأخير عليه..فالإنسان بجسده وروحه هو صانع التفاؤل وجالب السعادة ويستطيع أن يصنع من الجحيم جنة بتفاؤله ويستطيع أن يصنع من الجنة جحيماً بتشاؤمه..فعلى المرء أن يسيطر على نفسه وأحاسيسه ويتعلم كيفية توليد المشاعر الإيجابية الكامنة في داخله..فالإنسان بروحه وإيمانه وبعلمه الذي علمه الله يعتبر منجم من مناجم المعادن النفيسة الباهضة الثمن والشيء الذي ينبغي على كل أحد هو أن يبدأ بالتنقيب في داخله ليستخرج الدرر والمجوهرات التي تكمن في طياته وتختبئ في جوفه وأعماقه مثلها مثل الدرر التي في قيعان البحر..والبحر رغم ضخامته واتساعه إلا أن كيان الإنسان وأغوار النفس تعتبر أكبر بكثير من أغوار البحار وحتى المحيطات..فليس هناك أوسع من رحابة صدر الإنسان المؤمن وقس على ذلك بقية المشاعر والمسميات التي تناولها الشعراء والفلاسفة والأدباء والكتاب..فعليك أن تعمل على اصطناع السرور وتوليده وانعاشه من داخلك انت..وعليك ان تعلم ان بذور كل شيء موجود في داخلك وان عليك ان تسقي وتختار البذور التي تجلب لك الخير والعيش الكريم في الدنيا والآخرة..وأن عليك أن تكبح مشاعر الغضب والحقد والكراهية والأضغان وأن تظهر المشاعر الحسنة التي تلبسك الثياب الأنيقة والبراقة وتجعلك نجماً في مجتمعك يأنس بك الناس ويستمعون إليك ويأتمنونك ويثقون بك..فمصنع السعادة والرضى هو آتي بلا شك من داخل الفرد وذلك بالعلم والإيمان والتقوى التي تنعش وتستثير هرمونات الرضى والتفاؤل في داخل الإنسان وتنميها وتنقيها وتمرسها على تحمل أعباء الحياة وعلى ترويض النفس على مجابهة العوائق والصعوبات التي تعترض المرء وتحويل ذلك إلى محطات تأمل وتفكر تجلب السعادة نفسها فكما أن سم الأفعى قد يكون ترياق ولقاح للدغة الأفعى كذلك قد تتحول الآلام والأحزان إلى محطات فرح وإستبشار بإيمان الشخص وتعلمه من علم الله الذي علم به الأنبياأ والحكماء والفلاسفة فعاشوا في هذه الدنيا أفضل الحياة وتحملوا أكبر المعضلات..
فعليك أن تتفائل وأن تصنع محيطك الحياتي السعيد من أوساط الأحزان والمآتم وأن تجعل آيات الله تعالى هي التي تمشيك وتسيرك في هذا الكون الواسع لا أن تجعل الأضغان والتشاؤم هي التي تسيطر عليك وتحركك وتثير في كيانك عوامل الشقاء والتعاسة الإنسانية التي تجعلك تشقى في دنياك وآخرتك..
فعليك أن تتفائل وأن تصنع محيطك الحياتي السعيد من أوساط الأحزان والمآتم وأن تجعل آيات الله تعالى هي التي تمشيك وتسيرك في هذا الكون الواسع لا أن تجعل الأضغان والتشاؤم هي التي تسيطر عليك وتحركك وتثير في كيانك عوامل الشقاء والتعاسة الإنسانية التي تجعلك تشقى في دنياك وآخرتك..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق