د.محمد العماري - يمن سام Yemen Sam

أعلان الهيدر

الاثنين، أكتوبر 23، 2017

الرئيسية د.محمد العماري

د.محمد العماري

د.محمد العماري

سألت زميلي الياباني ذات مرة:

- متى تحتفل بلدكم بعيد المعلم  وكيف تحتفلون به؟

أجاب مندهشا من سؤالي!!!

- ليس لدينا أي عيد للمعلم.

عند سماعي لجوابه بقيت في حيرة هل أصدق ما يقول أم لا!!!   وداهمتني فكرة : "  لماذا هذه العلاقة السلبية تجاه المعلم ومنجزاته  في بلد متطور اقتصاديا وعلميا وتكنولوجيا"؟

وفي يوم بعد نهاية الدوام قدم لي زميلي الياباني دعوة ضيافة إلى بيته. وبحكم أنه كان يعيش بعيدا عن موقع العمل، فقد ذهبنا إليه بالمترو، وفي ساعات ذروة الزحمة المسائية فقد كانت عربات مترو الانفاق ممتلئة حتى التخمة.

وهنا بالكاد تمكنا من الدخول إلى العربة. فوقفت بجانب الباب ممسكا بالقائم المخصص.  وفجأة رأيت أن الرجل العجوز الذي كان جالسا على المقعد الذي أمامي قد أخلى مكانه ويدعوني للجلوس.  ولكني لم أفهم معنى هذا الاحترام نحوي من قبل رجل عجوز  وأنا أصغره بكثير من السنوات؛ فحاولت الرفض ولكنه أصر على موقفه؛ فأضطريت للجلوس. 

بعد الخروج من المترو طلبت من زميلي الياباني أن يوضح لي معنى موقف هذا الرجل العجوز.  ابتسم صديقي مؤشرا إلى الميدالية التي أحملها على صدري، قائلا:

- هذا الرجل العجوز رأى ميدالية المعلم المعلقة على صدرك، وتعبيرا عن احترامه لك كمعلم تنازل لك مكانه...

وبما أنني ذاهب للمرة الأولى في ضيافة صديقي الياباني في بيته فقد فكرت بأنه من المخجل أن أدخل بيته خالي اليدين؛ فقررت شراء هدية. وقد اشركت صديقي في مناقشة ما أفكر به، فوجدته مؤيدا للفكرة وقال بأن أمامنا محل تجاري خاص بالمعلمين حيث يمكن أن نشتري ما نريد بتخفيض يتميز به المعلمون. ولكني هنا من جديد لم أتمالك نفسي:

- امتيازات يتمتع بها المعلمون فقط؟ سألته أنا...

هز رأسه بالموافقة وتأكيدا لكلامي قال:

- مهنة المعلم في اليابان هي أكثر المهن احتراما، وأكثر من يحترم في اليابان هو المعلم الياباني. ويفخر أي تاجر ياباني كثيرا أن رأى معلما يدخل محله. ويعتبر هذا تشريفا له ولمحله .

خلال فترة تواجدي في اليابان لاحظت لمرات عديدة  كيف يحترم اليابانيون المعلم بلا حدود: توجد  مقاعد خاصة للمعلمين في المترو وكل وسائل المواصلات. المعلمون لا يقفون بالدور لشراء تذاكر المسرح أو السينما؛ ولهم محلات تجارية خاصة. وعندها تسألت، وما حاجة المعلم الياباني ليوم في السنة للاحتفاء به ما دام كل يوم عنده عيد؟؟؟

وأنا أحدثكم عن هذه الحكاية أتمنى من أعماق قلبي بأن تنضج مجتمعاتنا إلى نصف هذا المستوى أو أقل.... إلى جزء من مثل هذه العلاقة نحو المعلم و التي لم أراها في أي دولة عربية غير المغرب...

لاحظت هذه العلاقة في حادثتين: الأولى عندما أوقفني رجل المرور وأنا أقود السيارة وقال لي: أنت عامل مخالفة سيدي موضحا لي مخالفة السير تلك. وكانت مخالفة حقيقية وواضحة.  طلب وثائقي فقدمت  له جوازي اليمني ورخصة  قيادتي الروسية. فسألني: ماذا تعمل هنا في المغرب؟

أجبته: لدينا علاقة تعاون مع جامعة عبد المالك السعدي وتواجدي هنا للعمل خلال الصيف.

سألني: أنت أستاذ؟

قلت له:  نعم وهذا مكتوب في جواز سفري.

قال لي: عندما أرضعتني أمي قالت لي لا تخالف أي معلم مهما حصل إلا إذا ارتكب جريمة وليس مخالفة، ولذا عندي مبدأ بعدم مخالفة أو تغريم أي معلم. تفضل وثائقك سيدي وأتمنى أن تعتني بنفسك.

الثانية: في مطار محمد الخامس عندما أراد رجال الجمارك تفتيش حقيبتي  فنظر إلى جواز سفري وقال لي:  أنت أستاذ رحلة سعيدة...

فكلمة شكر ومحبة وعرفان لكل معلم علمني حرفا أو كلمة أو جملة أو معلومة. أنتم  صفوة  المجتمع....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.